يتم التشغيل بواسطة Blogger.

طريقة تركيب قالب بلوجر

الثلاثاء، 14 أبريل 2015

لا انكار في مسائل الاجتهاد



 

      إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له , واشهد أن محمدا عبده ورسوله  .                                                                                                                     
أمابعد :                                                                                                                                       فإنه لما كان من المعقود في أصول أهل السنة والجماعة وجوب (( الحرص على جمع كلمة المسلمين على الحق وتوحيد صفوفهم على التوحيد والإتباع وإبعاد كل أسباب النزاع والخلاف بينهم))[1] وأنه ( لا يجوز التفرق في الدين ولا الفتنة بين المسلمين ) [2] ونظرا لما نلمسه في الواقع مما يناقض ذلك فقد جمعت هذا الموضوع  الذي يتناول بيان قاعدتين نحتاج اليهما في واقعنا المعاصر حيث ينتشر التفرق والتمزق في صف الدعاة إلى إتباع الكتاب والسنة , في الوقت الذي يواجه ذلك الصف تكالب الأعداء عليه من كل جانب .
  والقاعدتان هما : قاعدة (لا إنكار في مسائل الاجتهاد)  وقاعدة مكملة لها وهي قاعدة (  الخروج من الخلاف مستحب )  ونظرا لدور تلك القاعدتين في تقليل أسباب الخلاف وردم الهوة بين المختلفين فينبغي على طلبة العلم المبتدئين الإلمام بالقاعدتين واستيعابهما وتطبيقهما .
دواعي كتابة البحث :
1.        بيان منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع المخالف في مسائل الاجتهاد ومسائل الخلاف .
2.        الجهل بالقاعدتين عند بعض من يعمل في حقل الدعوة .
3.        الخلط بين مسائل الاجتهاد ومسائل الخلاف عند بعض الشباب العاملين في حقل الدعوة  .
4.        تقليل الخلاف بين أهل الدعوة ومحاولة ردم الهوة  بينهم , مما سيساعد على إقامة جسور للتواصل والتآلف  .
5.        الإشارة إلى بعض آداب الخلاف .
  وهذا الموضوع ليس لي في أكثره إلا جمع المادة والتأليف بينها وإعدادها للنشر ومما ينبغي التنويه بذكره أنه عندما كنت مقارباً للانتهاء من مسودة هذا الموضوع صدر كتاب خاص يتحدث عن القاعدة الأولى لكاتب من حضرموت هو :   د. عبد السلام مقبل المجيدي وعنوان كتابه ( لا إنكار في مسائل الخلاف ) [3] وكان ذلك من أسباب التوقف عن إكمال الموضوع إلا أنني بعد مدة رأيت إكمال الموضوع ونشره للأسباب التالية :
1.        عرض الموضوع القاعدتين بالتبسيط والاختصار  .
2.        في الموضوع ذكر أقوال بعض العلماء المعاصرين المعتبرين الذين لهم تأثير على الشباب  .
3.        الإكثار من ذكر الأمثلة في القضايا المعاصرة  .
4. قله انتشار الكتاب .
 ومع ذلك فالبون شاسع بين الموضوع والكتاب ,فالكتاب متميز بالعمق والتحليل وغزارة المادة العلمية ولا يغني الموضوع اطلاقاً عن الكتاب .

جمع وإعداد : عبدالله بريك
                                                                                   1423ه‍ - 2002م

أولا : قاعدة لا إنكار في مسائل الاجتهاد :
التعريف بالقاعدة:
قاعدة : ( لا إنكار في مسائل الاجتهاد ) من القواعد المشهورة بين العلماء , امتلأت بها كتب الفقه والآداب والاحتساب حتى كادت تكون محل اتفاق بين العلماء ,اللهم إلا في بعض تفصيلاتها وقيودها [4] .
  وقد عبر العلماء عنها بألفاظ متقاربة فبعضهم عبر عنها بـ ( لا ينكر المختلف فيه وإنما ينكر المجمع عليه ) [5] وبعضهم بـ ( لا إنكار في موارد الاجتهاد  ) [6] و بعضهم بـ ( لا إنكار في مسائل الاجتهاد ) [7] والمقصود بالقاعدة : أن المسائل التي تكون محل اجتهاد , وليس فيها نص صريح , ولا دليل صحيح يرجح أحد القولين , وقد وقع الخلاف فيها بين العلماء[8] فلا يحق لشخص الإنكار على المخالف له فيها باليد أو باللسان إذا كان بالتشنيع عليه والطعن فيه .. لأن هذا المسلك لم يكن من هدى السلف فقد اختلفوا في كثير من المسائل دون أن يعنف بعضهم بعضا بل حرصوا على بقاء الألفة والمحبة بينهم .
  وينبغي هنا التفريق بين قاعدة ( لا إنكار في مسائل الاجتهاد ) وقاعدة    ( لا إنكار في مسائل الخلاف ) فان الأولى صحيحة والثانية خاطئة .
  فمسائل الاجتهاد هي التي للاجتهاد فيها مجال إما لعدم وجود دليل خاص فيها أو لوجود دليل مختلف في صحته أو لوجود دليل صحيح غير صريح فتحتمل المسألة أكثر من وجه أو لوجود دليل معارض بمثله فهنا وقع تعارض بين الأدلة فيقع الخلاف في الجمع والترجيح بين الأدلة, وأما مسائل الخلاف فقد كانت أعم  , إذ تشمل المسائل الاجتهادية  السابقة كما تشمل مسائل لا يقبل فيها الخلاف إذ ليس كل خلاف جاء معتبراً.. ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أنه قد اصطلح بعد ذلك على أن تكون مسائل الخلاف خاصة بالمسائل التي لا يسوغ فيها الاختلاف فأصبحت مقابل مسائل الاجتهاد ..
 ولذلك فمسائل الخلاف يجب الإنكار فيها على المخالف لأن النبي r وأصحابه قد أنكروا على المخالف في تلك المسائل ؛ فقد أنكر النبي r على أسامة قتله الرجل بعد ما قال لا اله إلا الله مع أنه كان مجتهداً .
و أنكر ابن عباس y على الخليفة علي y حرقه للمرتدين لمخالفته قول النبي r (( لا تعذبوا بعذاب الله )).
ثمرة التفريق بين المسائل الاجتهادية والمسائل الخلافية غير المعتبرة:
1.  إن المسائل الخلافية يجب فيها الإنكار باليد لمن له ولاية والإنكار باللسان بأسلوب قد يكون فيها تشنيع وشدة وقد يضلل المخالف فيها ويطعن في عدالته ويلزم فيها الشخص بإتباع الحق .
2.  أما المسائل الاجتهادية فلا يكون فيها إلا النصيحة للمخالف بأسلوب فيه رفق ولين ولا يجوز فيها الطعن في عدالة المخالف أو تضليله ولا يحق لأحد أن يلزم الناس بأتباعه فيها.
أدلة قاعدة ( لا إنكار في مسائل الاجتهاد ):
هذه القاعدة لها أدلة كثيرة تدل على صحتها منها :
- قوله تعالى (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا) الأنبياء الآية 78/79 , فهنا عرضت لنبيين قضية اجتهادية فاجتهدا فيها وقضى كل منهما بحسب ما أداه إليه اجتهاده , قال الحسن البصري رحمه الله : فأثنى الله على سليمان ولم يذم داؤد [9] .
1)                                                                 - قصة تأخير الصلاة في غزوة بني قريظة ! إذ لم ينكر النبي  r على إحدى الطائفتين ويشنع عليها
2)                                                                 - اختلاف الصحابة في قطع نخل بني النضير فقطع بعضهم وبعضهم لم يقطع فاقر الله الأمرين [10] .
3)                                                                 - حديث ( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فاخطأ فله أجر )
ضوابطها :
  والقاعدة السابقة لها ضوابط تميز بها المسألة الاجتهادية من غيرها , كما أن لها قيودا إذا لم تستوف فإنه ينكر على المخالف في هذه الحالة , وإن كان الأصل في المسألة أنها اجتهادية ؛ والضوابط هي :
1.    عدم مخالفة الدليل الصحيح الصريح [11] غير المعارض بمثله .
2.    عدم مخالفة الإجماع .
3.  ألا تخالف قياساً جلياً , وهو ما ثبتت علته بنص أو إجماع , أو كان مقطوعا فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع[12] .
4.  ألا تكون المسألة من المسائل الاجتهادية التي ضعف الخلاف فيها وكان ذريعة لشيء محظور متفق عليه كربا النقد فالخلاف فيه ضعيف وهو ذريعة إلى ربا النسيء المتفق على تحريمه[13].
  وذهب بعضهم إلى الإنكار في المسائل التي ضعف فيها الخلاف[14] وإن لم يكن ذريعة إلى محظور متفق عليه [15] مثل الإنكار على من أباح كشف الفخذ ومثل قول بعض أصحاب مالك من ترك سنة من سنن الوضوء أو الصلاة أعاد أبدا ؛ وهذا عند العلماء قول ضعيف وليس لقائله سلف ولا له حظ من النظر[16]وكذلك قول المخزومي وبن كنانة أن على من أفطر في السفر القضاء والكفارة[17]. وخلاف ابن اللبان في وجوب زكاة الفطر[18]
وقد أنكر العلماء قول أبي ثور بإباحة ذبائح غير أهل الكتاب؛ كالمجوس , والهندوس , وعبدة الأوثان[19].
5.    ألا يكون القول مخالفاً لفهم السلف خارجاً عن أقوالهم في المسألة لأن ( تفسيرهم للقرآن والحديث هو التفسير الصحيح الذي يجب تقديمه على غيره , ولا شك أنه قد ضل من ضل من الأمة أخيراً بإعراضهم عن فهم السلف الصالح لمعاني القرآن والحديث ..... وبهذا نشأت الفرق الضالة والآراء الشاذة [20].
6.  من التزم مذهباً وخالف ذلك المذهب في بعض المسائل من غير عذر شرعي يبيح له ما فعله فإنه في هذه الحالة يكون متبعاً لهواه فهو أهل للإنكار [21] , وسئل شيخ الاسلام أن يشرح ما ذكره نجم الدين بن حمدان من التزم مذهبا أنكر عليه مخالفته بغير دليل ولا تقليد أو عذر آخر؟ فأجاب هذا يراد به شيئان :أحدهما أن من التزم مذهبا معينا ثم فعل خلافه من غير تقليد لعالم آخر أفتاه ولا استدلال بدليل يقتضي خلاف ذلك ومن غير عذر شرعي يبيح له ما فعله فإنه يكون متبعا لهواه وعاملا بغير اجتهاد ولا تقليد فاعلا للمحرم بغير عذر شرعى فهذا منكر وهذا المعنى هو الذي أورده الشيخ نجم الدين وقد نص الامام أحمد وغيره على أنه ليس لأحد أن يعتقد الشيء واجبا أو حراما ثم يعتقده غير واجب ولا حرام بمجرد هواه مثل أن يكون طالبا لشفعة الجوار فيعتقدها أنها حق له ثم إذا طلبت منه شفعة الجوار اعتقدها أنها ليست ثابتة .. أو إذا كان له عدو يفعل بعض الأمور المختلف فيها كشرب النبيذ المختلف فيه ولعب الشطرنج. وحضور السماع أن هذا ينبغي أن يهجر وينكر عليه فإذا فعل ذلك صديقه اعتقد ذلك من مسائل الاجتهاد التى لا تنكر ..
 وأما إذا تبين له ما يوجب رجحان قول على قول إما بالأدلة المفصلة إن كان يعرفها ويفهمها واما بأن يرى أحد رجلين أعلم بتلك المسألة من الآخر وهو أتقى لله فيما يقوله فيرجع عن قول إلى قول لمثل هذا فهذا يجوز بل يجب وقد نص الامام أحمد على ذلك .
 وما ذكره بن حمدان المراد به القسم الأول ولهذا قال من التزم مذهبا أنكر عليه مخالفته بغير دليل أو تقليد أو عذر شرعي فدل على أنه إذا خالفه لدليل فتبين له بالقول الراجح أو تقليد يسوغ له أن يقلد في خلافه أو عذر شرعي أباح المحظور الذى يباح بمثل ذلك العذر لم ينكر عليه[22].
7.  وكذا ينكر على متتبع الرخص وإن كان في المسائل الاجتهادية إذ ( لا يجوز تتبع الرخص ذكره ابن عبد البر إجماعاً )[23].
8.  ألا يكون الشخص يعتقد تحريم العمل الذي قام به , جاء في بغية المسترشدين ( ولا للعالم أن ينكر مختلفا فيه حتى يعلم من فاعله أنه حال ارتكابه معتقداً تحريمه لاحتمال أنه قلد من يرى حله أو جهل حرمته )[24].
9.  ألا ترفع تلك المسألة إلى حاكم فإذا رفعت إليه فله أن يفصل في الخلاف وحكمه يرفع الخلاف , قال شارح الطحاوية ( وقد دلت نصوص الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة على أن ولي الأمر وإمام الصلاة والحاكم وأمير الحرب وعامل الصدقة يطاع في مواضع الاجتهاد وليس عليه أن يطيع أتباعه في موارد الاجتهاد بل عليهم طاعته في ذلك وترك رأيهم لرأيه فإن مصلحة الجماعة والائتلاف ومفسدة الفرقة والاختلاف أعظم من أمر المسائل الجزئية )[25].
10- ألا يكون للمنكر فيه حق كالزوج يمنع زوجته من شرب النبيذ إذا كانت تعتقد إباحته وكذلك الذمية على الصحيح [26].

مسائل الاجتهاد في ميدان الاعتقاد :
  الأصل في باب الاعتقاد عدم قبول الخلاف والإنكار على المخالف بشدة , لكن هناك حالتين خرجت عن هذا الأصل :
الأولى : المسائل العقائدية التي بنيت على أدلة ظنية وليست قطعية ووقع فيها الخلاف بين السلف وعاملوها معاملة المسائل الاجتهادية في ميدان الفقه , قال الشيخ عمرو عبد المنعم سليم : ( ثمت بعض القضايا في الاعتقاد إما أنها أحدثت بعد عصر الصحابة والتابعين كـ( قضية جلوس النبي r على العرش أو إنها وقعت بين الصحابة وحكم كل منهم بما ظهر له من الأدلة , كما في رؤية النبي r ربه في الدنيا فإن مثل هذه المسائل - والله اعلم - تجري مجرى الاختلاف في الفروع لأن الأدلة عليها مختلفة غير متفقة وكلمة السلف عليها غير متفقة والخلاف فيها قائم )[27].
الثانية : المسائل التي أدخلت في باب الاعتقاد وليس لها دليل صحيح ؛ قال شيخ الإسلام بعد أن تكلم عن بعض العلماء الذين كتبوا في عقيدة أهل السنة والجماعة وأثنى عليهم (مع أنه لابد أن يوجد في كلامهم وكلام نظرائهم من المسائل المرجوحة والدلائل الضعيفة : كأحاديث لا تثبت و مقاييس لا تطرد ما يعرفه أهل البصيرة  )[28].
ثم قسم شيخ الإسلام المسائل السابقة إلى قسمين هما :
1.    منها ما يكون كلاماً باطلاً لا يجوز أن يقال فضلاً عن أن يضاف إلى النبي r .
2.    ومنها ما يكون قد قاله بعض السلف أو بعض الناس أو بعض العلماء,  ويكون حقاً , أو مما يسوغ فيه الاجتهاد أو مذهباً لقائله فيعزى إلى النبي  r , وهذا كثير عند من لا يعرف الحديث[29]  فنصّ هنا على أن بعض هذه المسائل مما يسوغ فيه الاجتهاد .
  وقد نص شيخ الإسلام في موضع آخر على أن في العقيدة مسائل اجتهادية وقع فيها الخلاف بين الصحابة ولم يعنف بعضهم بعضاً , قال ( وقد تنازع الصحابة في مسائل علمية اعتقادية كسماع الميت صوت الحي , وتعذيب الميت ببكاء أهله  , ورؤية النبي r ربه قبل الموت مع بقاء الجماعة والألفة)[30] .
  ومن الأمثلة على مسائل الاجتهاد في ميدان الاعتقاد : المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله عنهما , وأول مخلوق العرش أم القلم ؟ وأيهما أفضل الملائكة أم صالحي البشر ؟ وفتنة القبر هل هي خاصة بهذه الأمة أم لا ؟ وهل يسلم منها الصديقون والصغار والمجانين ؟ ومستقر الأرواح ما بين الموت إلى قيام الساعة ؟ وما  الذي يوزن العمل أم العامل أم الصحائف ؟  .الخ [31]

هل الاختلاف في مسائل الاجتهاد من التفرق المنهي عنه ؟ :
  قال القاضي ابن العربي في تفسير قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً )(التفرق المنهي عنه يحتمل ثلاثة أوجه :
الأول التفرق في العقائد لقوله تعالى :(  شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ.)
الثاني قوله صلى الله عليه وسلم :( لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً ) ويعضده قوله تعالى (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا).
الثالث : ترك التخطئة في الفروع  [32] والتبرئ فيها وليمض كل احد على اجتهاده ... ثم ذكر حديث تأخير صلاة  العصر وعدم تباغض المختلفين من الصحابة ثم قال : ( والحكمة في ذلك أن الاختلاف  والتفرق المنهي عنه إنما هو المؤدي للفتنة والتعصب وتشتيت الجماعة )[33] .
  وقال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى : ( فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون) بعد أن ذكر حديث الافتراق ( وهذا يبين أن الافتراق المحذر منه في الآية والحديث إنما هو في أصول الدين وقواعده لأنه قد أطلق عليها مللاً وأخبر أن التمسك بشيء  من تلك الملل موجب لدخول النار ومثل هذا لا يقال في الفروع فإنه لا يوجب تعدد الملل ولا عذاب النار )[34] .
 وقال في تفسير قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ) يعني في دينكم كما افترقت اليهود والنصارى في أديانهم .... ويجوز أن يكون معناه ولا تفرقوا متابعين للهوى والأغراض المختلفة . وكونوا في دين الله إخواناً فيكون ذلك منعاً لهم عن التقاطع والتدابر, ودل عليه ما بعده وهو قوله تعالى ( وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) وليس فيه دليل على تحريم الاختلاف في الفروع فإن ذلك ليس اختلافاً إذ الخلاف ما يتعذر معه الائتلاف والجمع وأما حكم مسائل الاجتهاد فإن الاختلاف فيها بسبب استخراج الفرائض ودقائق معاني الشرع , وما زالت الصحابة يختلفون في أحكام الحوادث وهم في ذلك متآلفون )[35].
  وقد بين الإمام الشاطبي رحمه الله : إن المختلفين في الفروع هم من أهل رحمة الله المذكورين في قوله تعالى (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) لأن فروع هذه الملة قابلة للأنظار ومجالاً للظنون , وقد ثبت عند النظار أن النظريات لا يمكن الاتفاق فيها عادة فالظنيات عريقة في امكان الاختلاف لكن في الفروع دون الأصول وفي الجزئيات دون الكليات فلذلك لا يضر هذا الاختلاف .
 وقد نقل المفسرون عن الحسن في هذه الآية أنه قال : أما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون اختلافاً يضرهم , يعني لأنه في مسائل الاجتهاد التي لا نص فيها يقطع العذر بل لهم فيه أعظم العذر[36] . ثم ذكر أربعة أوجه تدل على أنهم من أهل الرحمة منها( أن الخلاف في مسائل الاجتهاد واقع ممن حصل له محض الرحمة وهم الصحابة ) [37].

فوائد الالتزام بالقاعدة :
1.  سعة الأفق والصدر : قال العلامة ابن عثيمين : ( على الدعاة والملتزمين إن تتسع صدورهم لما يحصل من اختلاف بين العلماء أو غيرهم وأن يقابلوا هذا بالاعتذار عمن سلك سبيلاً خطأ في اعتقادهم ) [38].
2.  الابتعاد عن التعصب والبغي على المخالف : التعصب هو التشبث برأي أو اتجاه واعتبار كل ما عداه باطلاً لا يستحق أن ينظر فيه أو يستمع له وهو يؤدي إلى التعادي والبغي , وذكر شيخ الإسلام أنه يبتلى به كثير من المنتسبين إلى طائفة في العلم أو الدين أو إلى رئيس معظم عندهم : أنهم لا يقبلون من الدين , لا فقهاً ولا رواية إلا ما جاءت به طائفتهم [39]  وهذا سببه الجهل فإذا زال الجهل واتسع علم الشخص ابتعد عن التعصب .
3.    اتباع السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم وقد سبق بيان منهجهم في ذلك .
4.  إقرار المخالف في الأمور الاجتهادية إذا لم يظهر رجحان الرأي الآخر . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ( وقد اتفق الصحابة في مسائل تنازعوا فيها على إقرار كل فريق للفريق الآخر على العمل باجتهادهم كمسائل في العبادات والمناكح والمواريث والعطاء والسياسة وغير ذلك )[40].
5.  اعذار من اخطأ في الاجتهاد وعدم التشنيع عليه : يقول الشيخ ابن باز رحمه الله ( وما وجد من اجتهاد لبعض العلماء وطلبة العلم فيما يسوغ فيه الاجتهاد فإن صاحبه لا يؤاخذ به ولا يثرب عليه إذا كان أهلا للاجتهاد) [41] ويقول الشيخ الجبرين : وعلينا أن نحسن الظن بعلماء المسلمين ونعذرهم إذا اخطأوا في الاجتهاد أو الرأي ونعتذر عنهم [42] .
6.    محبة علماء المسلمين المتبعين للكتاب والسنة وسلامة الصدر لهم وتوليهم والاستفادة من علومهم .
7.  قوة أهل الدعوة في وجه أهل الباطل . قال تعالى : ( سنشد عضدك بأخيك) وقال : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ).
8.    إضعاف أهل الباطل وتضييق الخناق عليهم .
9.     التأني وعدم الإقدام على تخطئة الآخرين وتضليلهم إلا بعد النظر العميق .
مفاسد إهدار القاعدة :
1.    التعصب والبغي على المخالف .
2.    مخالفة منهج السلف وسلوك سبيل أهل الزيغ والانحراف .
3.    إضعاف أهل الحق أمام أهل الباطل .
4.    تقوية أهل الباطل وفتح المجال لهم للتسلط على الدعاة والدعوة .
5.    عدم اعذار المخالف والتشنيع عليه والطعن فيه .[43]
6.    إفساد القلوب وشحن الصدور .
7.    التعجل في تخطئة المخالف وتضليله .
8.    الإعجاب بالرأي .

الأمثلة على مسائل الاجتهاد : 
  ذكر الشيخ الجبرين الأمثلة التالية على القاعدة :  الجهر بالبسملة والقراءة خلف الإمام والتورك في الثنائية , وقبض اليدين بعد الرفع من الركوع وعدد تكبيرات الجنازة ووجوب الزكاة في العسل وفي الخضروات والفواكه والفطر بالحجامة ووجوب الفدية على المحرم إذا نسي وقص شعره أو تطيب ناسياً ونحو ذلك . [44]
أمثلة عصرية على القاعدة :
  إن كثيراً من الأمثلة التي يذكرها القدماء على القاعدة السابقة قد لا تكون محل خلاف وإنما الخلاف في القضايا المعاصرة التي وقع فيها الخلاف بين العلماء فهذه المسائل إذا لم يتعامل معها أهل الدعوة بالقواعد والضوابط السابقة فإنها تؤدي إلى النزاع والخلاف والشقاق في الصف الإسلامي .
  ومن الأمثلة العصرية : قضية الدخول في المجالس النيابية بالشروط التي ذكرها العلماء الذين أفتوا بجواز الدخول فيها وكذلك المشاركة في وسائل الإعلام التي يمتلكها العلمانيون واقتناء ألعاب الأطفال المجسمة وقص المرأة شعر رأسها دون تشبه بالرجال ولا الكافرات وحكم تصوير ذوات الأرواح عن طريق الآلة وحكم اللحوم المستوردة وحكم العطورات التي بها كحول من حيث النجاسة وحكم اقتناء التلفاز وحكم التمثيل وحكم الحقنة الشرجية واستعمال دواء الربو المستنشق في رمضان وحكم استعمال فوائد البنوك في المشاريع الخيرية وإيداع المال في البنوك للحفظ بدون أخذ الفائدة وعدد ركعات التراويح ومكان الاعتكاف وحكم وجود جماعات إسلامية دعوية متعددة وحكم العمليات الفدائية والخلاف المتعلق بتحقيق المناط بالحكم على شخص أو جماعة بالكفر أو البدعة أو الفسق أو غير ذلك ففرق بين الحكم الشرعي في ذاته وبين تحقيقه في مناط معين وأن كون الأول قطعياً لا يعني بالضرورة أن يكون كذلك عند التعيين ومنها حكم وسائل الدعوة واخذ العهود على الدعوة إلى الله وكذا الاختلاف في تصحيح وتضعيف الأحاديث وفي الجرح والتعديل [45].
الأمثلة على مسائل الخلاف :
 هناك أمثلة كثيرة على مسائل الخلاف غير المعتبرة منها : دعاء غير الله والقول بأن الله في كل مكان والبناء على القبور والديمقراطية كمفهوم غربي والأسس التي تقوم عليها مثل اعطاء مجلس للنواب حق التشريع , والتحاكم إلى ما يسمى بالمنظمات الدولية فيما يتناقض مع الدين ؛ وزخرفة المساجد والاستمناء والإجهاض ولعبة الملاكمة وكون الفخذ عورة وربا البنوك والقول بأن الجهاد في الإسلام هو جهاد الدفع فقط أما جهاد الطلب فليس بمشروع والرسم الكاريكاتيري لذوات الأرواح وزواج المرأة بدون ولي وتولي المرأة الوزارة أو النيابة في مجلس النواب وتعدد الجمع والعيدين من دون وجود حاجة شرعية معتبرة والقول بأن العمل ليس ركن في الإيمان والموسيقا .

ثانياً " قاعدة الخروج من الخلاف مستحب :
 هذه القاعدة الفقهية تكمل في حقيقتها القاعدة السابقة وتحقق توازنا في موقف المسلم من مسائل الخلاف والاجتهاد وقد ذكرها الحافظ السيوطي والعلامة الزركشي وغيرهما , وعرفت عند المالكية باسم مراعاة الخلاف [46] أو دواعي الخلاف .
تعريفها : ابسط تعريف للقاعدة هو اجتناب ما اختلف في تحريمه وفعل ما اختلف في وجوبه .
مشروعيتها :
 وقد نص غير واحد من العلماء على أن مشروعيتها ثابتة بالإجماع . قال الملا علي قارئ : ( الخروج من الخلاف مستحب بالإجماع ) [47] .
 وقد اهتم بهذه القاعدة علماء المذاهب الأربعة وكان أكثر المذاهب أخذاً بهذه القاعدة وتعويلاً عليها المالكية والشافعية ثم الأحناف والحنابلة [48].
التكييف الشرعي للقول بالاستحباب :
  قال الإمام النووي : شكك بعض المحققين على قولنا بأفضلية الخروج من الخلاف فقال الأولوية والأفضلية إنما تكون حيث سنة ثابتة وإذا اختلفت الأمة على قولين قول بالحل وقول بالتحريم واحتاط المستبرئ لدينه وجرى على الترك حذراً من ورطات الحرمة لا يكون فعل ذلك سنة , وأجاب السبكي بأن أفضليته ليست لثبوت سنة خاصة فيه بل لعموم الاحتياط والاستبراء للدين وهو مطلوب شرعاً مطلقاً فكان القول بأن الخروج من الخلاف أفضل وثابت من حيث العموم واعتماده من الورع المطلوب شرعاً [49].

ضوابط القاعدة :
القاعدة لا يعمل بها على إطلاقها وإنما بضوابط هي :
1.  ألا يوقع مراعاة الخلاف في خلاف آخر ومن ثم كان فصل الوتر أفضل من وصله , فلم يراع خلاف أبي حنيفة لأن من العلماء من لا يجيز الوصل .
2.  ألا يخالف سنة ثابتة ومن ثم سن رفع  اليدين في الصلاة ولم يبالٍ برأي من قال بأبطاله الصلاة من الحنفية لأنها ثابتة عن النبي r من رواية نحو خمسين صحابياً [50] .
3.  أن يقوى مدركه بحيث لا يعد هفوة ومن ثم كان الصوم في السفر أفضل لمن قوي عليه ولم يبال بقول داؤد أنه لا يصح [51]  وكذلك لم يراع خلاف أبي حنيفة بإسقاط الحد في القتل بالمثقل واعتباره إياه شبهة تدرأ الحد [52] .
4.  ألا تؤدي إلى صورة تخالف الإجماع أي أن لا يلزم من رعي الخلاف خرق الإجماع وألا حرم , كمن تزوج بغير ولي ولا شهود في أقل من ربع درهم فإن هذا النكاح لو عرض على الحنفي لا يقول به وكذلك المالكي والشافعي [53].
5.  قيام الشبهة فإنه إذا توافر العلم بصحة الحكم ووجهة انتزاعه من دليله فالمصير إلى قول المخالف مراعاة له غير متجه كما أن عبادة الله بمؤدى الاجتهاد التام أولى من عبادته بالاحتياط العام  لليقين في الأول ومطلق التفويض في الثاني وثمة حالة تستثنى من هذا العموم وهي حالة التورع في التروك فإنها لا تقيد بقيام الشبهة ولا يطلب عليها دليل [54].
فوائد الالتزام بالقاعدة :
1.    الورع والاستبراء للدين .
2.    تضييق هوة الخلاف بين المذاهب الفقهية [55].
3.    تقارب القلوب وتوحد الصفوف , وتلاقي الناس على المتفق عليه[56].
الأمثلة
  ذكر الحافظ السيوطي الأمثلة التالية عليها : استحباب الدلك في الطهارة واستيعاب الرأس بالمسح وغسل المني بالماء والترتيب في قضاء الصلوات وترك صلاة الأداء خلف القضاء وعكسه , والقصر في سفر يبلغ ثلاث مراحل , وتركه فيما دون ذلك وللملاح الذي يسافر بأهله وأولاده وترك الجمع وكتابة العبد القوي الكسوب ونية الإمامة واجتناب استقبال القبلة واستدبارها مع الساتر وقطع المتيمم الصلاة إذا رأى الماء خروجا من خلاف من أوجب الجميع .
وكراهة الحيل في باب الربا ونكاح المحلل خروجاً من خلاف من حرمه .
وكراهة صلاة المنفرد خلف الصف خروجاً من خلاف من أبطلها .
وكذا كراهة مفارقة الإمام بلا عذر والإقتداء في خلال الصلاة خروج من خلاف من لم يجز ذلك [57]  ومن الأمثلة على ذلك أيضا بعض الأمثلة على مسائل الاجتهاد .
لطيفة أدبية :
  قال السيوطي : من فروع هذه القاعدة في العربية :
إذا دار الأمر في ضرورة الشعر أو التناسب بين قصر الممدود ومد المقصور فالأول أولى لأنه متفق على جوازه  والثاني مختلف فيه [58].

توجيهات قيمة لطالب العلم في هذا الباب :
  قال الشيخ حسن البنا ( والخلاف الفقهي  في الفروع لا يكون سبباً للتفرق في الدين ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء ولكل مجتهد أجره ولا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب)[59].
  وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي : ( ومن أهم ما يتعين على أهل العلم معلمين أو متعلمين السعي في جمع كلمتهم وتأليف القلوب على ذلك وحسم أسباب الشر والعداوة والبغضاء بينهم وأن يجعلوا هذا الأمر نصب أعينهم يسعون له بكل طريق لأن المطلوب واحد والقصد واحد والمصلحة مشتركة فيحققون هذا الأمر بمحبة كل من كان من أهل العلم ومن له قدم فيه واشتغال أو نفع ولا يدعون الأغراض الضارة تملكهم وتمنعهم من هذا المقصود الجليل فيحب بعضهم بعضاً ويذب بعضهم عن بعض ويبذلون النصيحة لمن رأوه منحرفاً عن الآخر ويبرهنون على أن النزاع في الأمور الجزئية التي تدعو إلى ضد المحبة والائتلاف لا تقدم على الأمور الكلية التي فيها جمع الكلمة ولا يدعون أعداء العلم من العوام وغيرهم يتمكنون من إفساد ذات  بينهم وتفريق كلمتهم فإن تحقيق هذا المقصود الجليل والقيام به من المنافع ما لا يعد ولا يحصى ولو لم يكن فيه إلا أن هذا هو الدين الذي حث عليه الشارع بكل طريق وأعظم من يلزم القيام به أهله , لأنه من أعظم الأدلة على الإخلاص والتضحية اللذين هما روح الدين وقطب دائرته وأن بهذا الأمر يتصف العبد أن يكون من أهل العلم الذين هم أهله الذين ورد في الكتاب والسنة من مدحهم والثناء عليهم ما لا يتسع هذا الموقف لذكره )[60].
   ونقل العلامة ابن عثيمين رحمه الله : أن الإمام أحمد يرى أن السلف إذا اختلفوا في شيء، وليس هناك نص فاصل قاطع، فإنه كله يكون جائزاً.        
  ثم علق العلامة ابن عثيمين على ذلك بقوله : ولا شك أن هذا الذي نحا إليه الإمام أحمد من أفضل ما يكون لجمع الأمة واتفاق كلمتها؛ لأن من الناس من يجعل الاختلاف في الرأي الذي يسوغ فيه الاجتهاد سبباً للفرقة والشتات، حتى إنه ليضلل أخاه بأمر قد يكون فيه هو الضال، وهذا من المحنة التي انتشرت في هذا العصر على ما في هذا العصر من التفاؤل الطيب في هذه اليقظة من الشباب خاصة، فإنه ربما تفسد هذه اليقظة، وتعود إلى سبات عميق بسبب هذا التفرق، وأن كل واحد منهم إذا خالفه أخوه في مسألة اجتهادية ليس فيها نص قاطع ذهب ينفر عنه ويسبّه ويتكلم فيه، وهذه محنة أفرح من يفرح بها أعداء هذه اليقظة؛ لأنهم يقولون: سقينا بدعوة غيرنا، جعل الله بأسهم بينهم، حتى أصبح بعض الناس يبغض أخاه في الدين، أكثر مما يبغض الفاسق والعياذ بالله، وهذا لا شك أنه ضرر، وينبغي لطلبة العلم أن يدركوا ضرر هذا علينا جميعاً [61] .
  ويقول الشيخ الجبرين رحمه الله : ( علينا أن نحسن الظن بعلماء المسلمين ونعذرهم إذا اخطأوا ونستفسرهم ولا نأخذ الأمور على علاتها, ولا نلقي كلاماً على عواهنه ولا نصدق كل ما يقال أو كل ما يذاع أو كل ما نسمع ، بل يجب أن نتثبت من الأمور ونتحقق من صحتها ونرد الباطل على من جاء به )[62].
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح



[1] ) مجمل أصول أهل الِسنة والجماعة في العقيدة . د/ ناصر العقل صـ28
[2] ) المصدر السابق صـ23
[3] ) صادر ضمن سلسلة كتاب الأمة , العدد 94 سنة 1424هـ
[4] ) القواعد الشرعية ودورها في ترشيد العمل الإسلامي للدكتور محمد أبو الفتح البيانوني صـ 143
([5]  انظر الأشباه والنظائر للسيوطي صـ202 وشرح مسلم للنووي 2 / 23 والقواعد الشرعية للبيانوني    صـ 143 وجامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي صـ394
[6] ) انظر الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر  , د/ صلاح الصاوي صـ 283
[7] )  انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية 20/207 والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للشيخ خالد السبت صـ324
[8] ) حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , للشيخ الجبرين صـ95
[9] ) تفسير ابن كثير 3/251
[10] ) مجموع الفتاوى 3/344
[11] ) الصريح هو الذي يدل على المعنى المقصود من دون احتمال معنى آخر .
[12] ) شرح الأصول من علم الأصول للعلامة ابن عثيمين ص539 ثم ذكر الأمثلة على ما تقدم : مثال ما ثبتت علته بالنص: قياس المنع من الاستجمار بالدم النجس الجاف على المنع من الاستجمار بالروثة، فإن علة حكم الأصل ثابتة بالنص حيث أتى ابن مسعود رضي الله عنه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم بحجرين وروثة؛ ليستنجي بهن، فأخذ الحجرين، وألقى الروثة، وقال: "هذا ركس" والركس النجس.
ومثال ما ثبتت علته بالإجماع: نهي النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يقضي القاضي وهو غضبان"2"، فقياس منع الحاقن من القضاء على منع الغضبان منه من القياس الجلي، لثبوت علة الأصل بالإجماع وهي تشويش الفكر وانشغال القلب.
ومثال ما كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع: قياس تحريم إتلاف مال اليتيم باللبس على تحريم إتلافه بالأكل للقطع بنفي الفارق بينهما.
[13] )الأحكام السلطانية لأبي يعلى صـ335 وجامع العلوم والحكم صـ394
[14] ) وهو ما عبروا عنه بقولهم: فليس كل خلاف جاء معتبراً إلا خلافٌ له حظ من النظر . لا إنكار في مسائل الخلاف (ص: 57)
[15] ) انظر مثلاً ( حاجة البشر ) صـ95
[16] ) الاستذكار (1/ 200)
[17] ) الاستذكار (3/ 307)
[18] ) حواشي الشرواني (3/ 209)
[19] ) أبحاث هيئة كبار العلماء (2/ 671)
[20] ) البيان المأمول في علم الأصول للشيخ عبدالرحمن عبد الخالق صـ174
[21] ) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للسبت صـ329
[22] ) مجموع الفتاوى (20/ 220)
[23] ) تحذير الفضلاء من إتباع زلات العلماء للشيخ عقيل المقطري صـ70
[24] ) بغية المسترشدين لعبدالرحمن المشهور صـ158
[25] ) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز صـ376
[26] ) الأشباه والنظائر للسيوطي صـ202
[27] ) المنهج السلفي عند الشيخ ناصر الدين الألباني صـ86
[28] ) مجموع الفتاوى 3/377-378
[29] ) المصدر السابق صـ3/380
[30] ) المصدر السابق 19 / 123
[31] ) راجع شرح العقيدة الطحاوية للعلامة ابن أبي العز وشرح العقيدة الواسطية للعلامة ابن عثيمين في مواضع متفرقة .
[32] ) هكذا العبارة في الكتاب ولعل فيها خللاً إذ لعلها : التخطئة في الفروع والتبري فيها .
[33] ) أحكام القرآن  1 / 156
[34] ) الجامع لأحكام القرآن2 / 507
[35] ) الجامع لأحكام القرآن 4/156
[36] ) الاعتصام 2 / 169
[37] ) المصدر السابق 2 / 170
[38] ) الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات صـ64
[39] ) اقتضاء الصراط المستقيم صـ8 وانظر مبحثاً مهماً عن التعصب في كتاب(مقدمة في أسباب اختلاف المسلمين وتفرقهم ) للشيخين محمد العبده وطارق عبد العليم
[40] ) انظر مجلة المنتدى العدد 58 مقال للشيخ طارق عبد الواسع صـ33
[41] ) مجموع فتاوى ابن باز (7/ 313)
[42] )حاجة البشر صـ223
[43] ) القواعد الشرعية صـ115
[44] ) حاجة البشر صـ95
[45] ) راجع ما تقدم بالعودة إلى الكتب التالية ( الصحوة الإسلامية للعلامة ابن عثيمين وفتاوى علماء البلد الحرام وفتاوى إسلامية 3 مجلدات للمشايخ ابن باز والعثيمين والجبرين وحاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للشيخ الجبرين و( الثوابت والمتغيرات للشيخ الصاوي و فتاوى اللجنة الدائمة مجموعة مجلدات والمنهج السلفي عند الشيخ الألباني ) للشيخ عمرو بن عبد المنعم سليم وحكم الانتماء للشيخ بكر أبو زيد والمخرج من الفتنة للشيخ مقبل والغناء وآلات الطرب وحكم ولاية المرأة للشيخ الديلمي ومحمد الصاوي والمراة وحقوقها السياسية في الإسلام للشيخ الزنداني .
[46] ) القواعد الشرعية للبيانوني صـ146
[47] ) مجلة البيان العدد 151 صـ24 مقال للشيخ عبدالرحمن السنوسي بعنوان مراعاة الخلاف  وللكاتب المذكور كتاب بهذا العنوان ذكره صاحب القواعد الشرعية الشيخ البيانوني .
[48] ) مراعاة الخلاف مجلة البيان صـ21
[49] ) الأشباه والنظائر للسيوطي صـ177
[50] ) الأشباه والنظائر للسيوطي صـ177
[51] ) المصدر السابق صـ177
[52] ) مراعاة الخلاف مجلة البيان صـ26 .
[53] ) المصدر السابق صـ26. لعل المقصود بالإجماع في المثال : الإجماع على عدم صحة النكاح بدون ولي ولا شهود وبأقل من ربع درهم .
[54] ) مراعاة الخلاف مجلة البيان صـ27
[55] ) الاشباه والنظائر ص178
[56] ) مراعاة الخلاف ص 26
[57] ) الاشباه والنظائر ص178
[58] ) المصدر السابق ص178
[59] ) النهج المبين لشرح الاصول العشرين للشيخ عبدالله الوشلي ص179
[60] ) الفتاوى السعدية ص481-482
[61] ) الشرح الممتع على زاد المستقنع (5/ 137)
[62] ) حاجة البشر ص223
واصل القراءة »
قوالب بلوجر معربة واحترافية مجانية